وأما ما حكاه المؤلف عن أي عمرو بن العلاء، فقد مسه بالتحريف مساً رفيقًا، وعبارة أبي عمرو الواردة في كتاب "الطبقات" للجمحي: "ما لسان حمير وأقاصي اليمن لساننا، ولا عربيتهم بعربيتنا"، فالمؤلف حوّل قوله:"ولا عربيتهم بعربيتنا" إلى قوله: "وما لغتهم بلغتنا"؛ لقصد المبالغة في الفصل بين اللغتين، وليصرف ذهن القارئ عن أن يفهم من قول أبي عمرو:"ولا عربيتهم بعربيتنا" أن تلك اللغة عربية، وإنما تختلف عن العدنانية اختلافاً يسوغ له أن يقول:"وما لسان حمير وأقاصي اليمن لساننا". ومس المؤلف عبارة أبي عمرو بالتحريف مرة أخرى، فقد حذف قوله:"أقاصي اليمن"؛ حتى لا يأخذ منها القراء أن لغة غير الأقاصي، وهي القبائل المجاورة للقبائل المضرية، ليس بين عربيتها وعربية مضر هذا الاختلاف.
وصفوة المقال في هذا البحث: أن اللغة القحطانية تقربت من اللغة العدنانية في عهد قبل الإسلام، وصارت تحاذيها في أكثر مفرداتها، وقواعد نحوها وصرفها، ولنا في شعر القحطانيين نظرة أخرى سنلقيها إليك في أمد قريب.
* أطوار اللغة العربية:
قال المؤلف في (ص ٢٥): "إذا كان أبناء إسماعيل قد تعلموا العربية من أولئك العرب الذين نسميهم العاربة، فكيف بَعُد ما بين اللغة التي كان يصطنعها العرب العاربة واللغة التي كان يصطنعها العرب المستعربة، حتى استطاع أبو عمرو بن العلاء أن يقول: إنهما لغتان متمايزتان، واستطاع العلماء المحدثون أن يثبتوا هذا التمايز بالأدلة التي لا تقبل شكاً ولا جدلاً".
انقاد المؤلف إلى هذه الشبهة بما ادعاه سابقًا من اتفاق الرواة على أن