لا تتحقق إلا بعد أن يكون الناظر قد علم أن احمرار الوجه ينشأ عن الخجل، وهذا العلم إنما يحصل من نحو التجربة أو التلقين.
وعلى هذا النحو يجري حال الأمور التي لا يربطها بما تدل عليه قانون طبعي، وإنما هو العرف والاصطلاح، فإذا رأينا علماً على شاطئ البحر، عرفنا أن هناك سفينة. ومن البين أن لا رابطة بين العلم ووجود سفينة بالمرسى غير تلك الرابطة الذهنية الناشئة من اصطلاح الناس على أن يرفعوا على السفن أعلاماً.
ومن هذا الوادي: دلالة الألفاظ على المعاني؛ فإن المعنى لا يحضر عند النطق باللفظ، أولا يحضر حضورًا تنشأ عنه فائدة إلا أن يسبقه العلم بأن هذا اللفظ قد وضع ليدل على هذا المعنى؛ وأن المتكلم به ممن يحذو في الكلام حذو هذا الوضع.
* اللغة:
اللغة - كما قال ابن جني -: أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. وهي مزية عرف بها الإنسان، ولم يعرف في البشر أمة ليس لها لسان تعبر به عن حاجاتها، وقد حاول بعض الباحثين أن يثبت من تركيب أدمغة أشخاص عاشوا في القرون الخالية أنهم كانوا محرومين من هذه المزية، فلم يستطع أن يقيم على ما يقوله دليلاً تام المقدمات صحيح الإنتاج؛ كما أن العلم لم يستطع أن يثبت لغير الإنسان من الحيوان لغة تخاطب. وفي "دائرة المعارف الإنكليزية" أن هذه المسألة لا تزال تحت البحث.
* أصل نشأة اللغة:
تصدى للبحث في أصل نشأة اللغات كثير من الفلاسفة والمتكلمين