فليتوقف، وأبو إسحاق الشاطبي نفسه قد نقل أن إمام العربية سيبويه يجعل من شواذ التعجب "ما أمقته"، و "ما أفقره" بناء منه على أن العرب لم يستعملوا الفعل الثلاثي من المقت والفقر، ثم ذكر الشاطبي أن جماعة من أئمة اللغة أثبتوا استعمال العرب للفعل الثلاثي من المقت والفقر، وخفي ذلك على سيبويه، وقال: ولا حجة في قول من خفي عليه ما ظهر لغيره، بل الزيادة من الثقة مقبولة.
وهذا يزيدك خُبراً بأن واضع القاعدة يستند إلى الاستقراء الذي يكسبه ظناً بقصد العرب لأن يكون الحكم قياساً مطردًا، كما يستند إلى الاستقراء الذي يفيده ظناً بن العرب لم ينطقوا من هذا المصدر بفعل أو اسم فاعل، أو من هذا الفعل بمصدر أو فعل ماض - مثلاً -.
* قياس التمثيل:
ذكرت فيما سلف أني أريد بقياس التمثيل: إلحاق نوع من الكلم بنوع آخر في حكم، وهو ما ينكره بعض النحاة، ويعنونه في قولهم: إن اللغة لا تثبت بالقياس.
يأخذ النحاة بقياس التمثيل لإثبات أصل الحكم، وكثيراً ما يرجعون إليه في تأييد المذهب بعد بنائه على السماع، وهذا أبو حيان الذي هو من أشد النحاة وقوفًا عند حد السماع، ومن أسرعهم إلى محاربة من يعول على هذا الضرب من القياس، قد ينظر إليه في بعض الأحيان، كما قال: إن الناصب لى: بى ذا" فعلُ شرطها، قياساً على سائر أدوات الشرط. وقال في الكلام على وقوع الجملة المنفية حالاً: والمنفية بـ: "إن" لا أحفظه من كلام العرب، والقياس يقتضي جوازه، فنقول: جاء زيد إِنْ يدري كيف الطريق؛ قياساً