للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنهم قصدوا إلى ترك تصريفه. وهذا هو الذي نعمل به على طبق القاعدة، وإن لم يبلغنا أو يبلغ الواضعين للقواعد أن العرب تلفظوا فيه على وَفق القاعدة. فيصح لنا أن نجري قاعدة الاشتقاق في هذا النوع، وإن لم ندر أن العرب تصرفوا فيه على هذا الوجه من الاشتقاق.

قال أبو عثمان المازني: ما قيس على كلام العرب، فهو من كلام العرب، ألا ترى أنك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول؟ وإنما سمعت بعضها، فقست عليها غيره.

وقال ابن جني - بعد أن سرد أمثلة من اسم المكان والمصدر الواردين على اسم مفعول -: هذا كله من كلام العرب، ولم يسمع منهم، ولكنك سمعت ما هو مثله وقياسه.

فإن قلت: ماذا يريد أبو إسحاق الشاطبي من قوله في "شرح الخلاصة":

"الذين اعتنوا بالقياس والنظر فيما يعدُّ من صلب كلام العرب، وما لا يعد، لم يثبتوا شيئاً إلا بعد الاستقراء التام، ولا نفوه إلا بعد الاستقراء التام، وذلك كله مع مزاولة كلام العرب، ومداخلة كلامها، وفهم مقاصدها، إلى ما ينضم إلى ذلك من القرآن ومقتضيات الأحوال التي لا يقوم غيرها مقامها".

قلنا: يريد من الاستقراء التام: الاستقراء الذي يفيد ظناً قوياً يكفي لتقرير أحكام اللغة. ويدلك على أنه لم يرد من الاستقراء التام تتبع أقوال العرب قولاً فقولاً إلى أن يأتي على آخرها، قوله فيما بعد: فالواجب على المتأخر التوقف حتى يدخل من حيث دخل المتقدم، فإن وجد الأمر مستثبتاً مطرداً على خلاف ما قال الأول، لم يسعه إلا مخالفته، وإن لم يجده كذلك،