مثل: ويح، وويل، ونعم وبئس وعسى، ويذر وياع، بأنها لا تتصرف، ولا يصح أن يشتق منها اسم فاعل أو اسم مفعول أو أفعل تفضيل؟ وأي فرق بين هذه الأفعال والمصادر، وبين ما لم يبلغه استقراؤه من المصادر والأفعال، فيسوغ لنا أن ناخذ منها أوصافًا أو أفعالاً، ولا يجوز لنا أن نأخذ مثل ذلك من ويل وويح ونعم، وما شكلها من المصادر والأفعال التي يقولون عنها: إنها غير متصرفة؟
وجواب هذا: أن الأفعال والمصادر التي لم يسمع لها فروع في الاشتقاق على ضربين:
أحدهما: ما يكثر استعماله في موارد كلام العرب من غير أن يتصرفوا فيه؛ مثل: ويل وويح ونعم ويذر وما يماثلها، وعدم تصريفهم لها- مع كثرة ترددها في محاوراتهم ومخاطباتهم- دليل على قصدهم لإبقائها على هيئتها. فمن تصرف فيها، فقد أتى بها على وجه قصد العرب إلى تركه، والناطق بما يقصدون إلى إهماله ناسج على غير منوالهم، وناطق بغير لهجتهم. هذا مذهب جمهور أهل العربية، وذهب بعضهم إلى جواز استعمال ما أهمله العرب متى دخل تحت قياس. قال ابن درستويه في "شرح الفصيح": "إنما أهمل استعمال وَدَع ووَذَر؛ لأن في أولهما واوًا، وهو حرف مستثقل، فاستغني عنهما بما خلا منه، وهو: ترك"، ثم قال:"استعمال ما أهملوا من هذا جائز صواب، وهو الأصل، وهو في القياس الوجه، وهو في الشعر أحسن منه في الكلام (النثر)(١) ".
ثانيهما: ما لا يكثر في مخاطباتهم حتى يستفاد من وروده بهيئة واحدة