للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* فضل المهاجرين إلى الحبشة:

كانت أسماء بنت عميس ممن قدموا يوم فتح خيبر، فدخلت على حفصة أم المؤمنين، فدخل عمر بن الخطاب، وقال: من هذه؟ قالوا له: أسماء، فقال لها عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله منكم. فغضبت، وقالت: وايم الله! لا أطعم طعاماً، ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلتَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، قصَّت عليه قول عمر، فقال: "ليس بأحق بي منكم، له ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان".

وكان أبو موسى الأشعري وأصحابه يأتون إلى أسماء أرسالاً يسألونها عن هذا الحديث، وما من شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

لمهاجري الحبشة فضل وأيُّ فضل، ذلك أنهم فارقوا وطنهم مكرهين، ونزلوا في أرض غير أرضهم، وأمة غير أمتهم، ونحن نعلم ما وقع لبعض الصحابة من الحنين إلى مكة بعد الهجرة إلى المدينة، فكان بلال - رضي الله عنه - وقد أصيب بالحمّى يرفع صوته يقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادٍ وحولي إذخر وجليل (١)

وهل أَرِدَنْ يوماً مياه مَجِنَّة (٢) ... وهل يبدُوَنْ لي شامة وطفيل (٣)


(١) الإذخر والجليل: شجرتان طيبتان تنبتان بأودية مكة.
(٢) موضع قريب من مكة.
(٣) جبلان من جبال مكة.