"طولقة" هذه المدينة الأصيلة في حضارتها، العريقة في تاريخها، الجميلة بظلالها، ومياهها، وثمارها، المتمسكة بإيمانها وقيمها وتقاليدها السامية. طولقة هذه الواحة الوارفة الرائعة كانت ولم تزل موئلاً للعلم، وملتقى للمآثر، وجامعة للإسلام، منبتاً للرجال المتفوقين فكراً وتقى، سلوكاً وأخلاقاً .. وصدق من قال: لا تنبت الأرض الطيبة إلا طيّباً .. وبالفعل فإن من مثل هذه الأرض الطيبة كانت الجزائر تبني تاريخها الثقافي المجيد، وتعلي راية فخرها بين الأمم والشعوب، وتفيض عبقريات، ورسالات، وجهاداً؛ لتغمر أشقاءها وجيرانها إصلاحاً وخيراً، ولتعمر العالم أمناً وحباً وسلاماً.
في هذه الأرض المباركة؛ انطلقت منابع العلم والتقى، ومن هذه الأرض المباركة تزودت أجيال وأجيال بكنوز معارفها، وسلاح حصانتها، ورسوخ مبادئها، ومن هذه الأرض المباركة أضاءت شموس نيّرة في أهم العواصم العربية والإسلامية؛ كتونس، والقاهرة، ودمشق، وإسطنبول،
(١) مجلة "الثقافة" مجلة فكرية تأسست في دمشق عام ١٩٥٨ م. العدد الصادر في (ربيع الثاني ١٤١٨ هـ - آب ١٩٩٧ م)، دمشق.