يحتفل المسلمون الآن بمولد خير الخلق، المبعوث بالهدى ودين الحق.
إنه مولد الإنسان الكامل، الذي ولدت بمولده رسالة الإنسانية الكاملة.
والإنسان الكامل الذي نحتفل بذكرى مولده، قد تمكن -في ثلاث وعشرين سنّة هلالية قضاها في حياته النبوية على الأرض- من أن يقدم للتاريخ أنموذجاً للأمة المثالية يعرضه على الأجيال منذ نحو أربعة عشر قرناً؛ لتقوم حجة الله على الناس فيما ينبغي لهم أن يأخذوا به، وما ينبغي لهم أن يتحرجوا منه، فيكونوا هم أيضاً صورة أخرى من صور الأمة الكاملة التي صنعها الله بيدي حامل أكمل رسالاته، فإن فعلوا، كانوا من أهل الهدى ودين الحق، وفتح الله لهم كنوز السعادة، ينعمون فيها بنعمة الطمأنينة والرضا إلى أن يلقوا الله راضياً عنهم، وهم راضون عنه.
إن هذا المولود الكامل - صلوات الله وسلامه عليه - لم يكن في زمن مضى، ولا في زماننا هذا بحاجة من الإنسانية إلى تخليد ذكراه؛ فإن الله قد رفع له ذكره منذ شرح صدره للهدى والحق، وقرن اسمه إلى اسمه -عَزَّ وَجَلَّ- في شهادة الملايين له آناء الليل وأطراف النهار؛ بأنه أدى رسالة الله كاملة، واعترفت
(١) مجلة "الأزهر" الجزء الرابع -المجلد الخامس والعشرون- غرة ربيع الثاني ١٣٧٣ هـ -ديسمبر كانون الأول- ١٩٥٢ م.