الجاهلي، وما عليه إلا أن يقول لتلك الطائفة القليلة المستنيرة: اعتقدوا أن هذا شعر أمية بقلوبكم حتى تتنكر للقرآن، وأنكروه بعقولكم حتى ينتظم شمل نظرية الشك في الشعر الجاهلي! وإذا وجد في أبناء الأربعين من تقبّل منه مثل هذا الهذيان، وتحدث به في مجلس ينبغي ألّا تسمع فيه لاغية، أفلا يقبله الأطفال الذين يخرج لهم المنكر من طريق الحق، فيضربون أيمانهم على شمائلهم، ويرجّون له الهواء بالتصدية رجّا؟!.
* شبهة أن للقرآن مصادر من اليهودية والنصرانية:
ما يقوله المستشرقون، ويحكيه عنهم المؤلف؛ من أن للقرآن مصادر، هي: اليهودية، والنصرانية، ومذاهب بين بين، ليس بشبهة جديدة، ولا هو "من النتائج العلمية القيمة" التي انتهوا إليها على مناهج النظر الصحيح.
لا نزدري الغربيين وعلومهم الغزيرة، وإجادتهم النظر في الماديات، وما تنتظم به مرافق الحياة ووسائل العمران الذي نشهده بأبصارنا، ونلمسه بأيدينا، ولكنهم لم يبلغوا أن يمتازوا بالثقافة في كل علم حتى المباحث التي لا يتوقف إدراك حقائقها إلا على ذكاء الباحث، وصفاء بصيرته.
فإن كان المؤلف يضع قلبه بين أصابع المستشرقين، ويملأ جرابه من حقائب المستشرقين، ويستهوي تلك الطائفة باسم المستشرقين، فإن للناس بصائر تأبى لهُم أن يُقلدوهم في الفرق بين الحق والباطل، والفصل في أسباب السعادة والشقاء، ولا سيما بعد أن رأوا فيهم صفواً وكدراً، ونظاماً وخللاً، وأدباً وسفهاً، وذكاءً وبلهًا، وسلاسة وتعسفاً.
من درس حال الثقات من علماء الحديث والآثار، لا يمتري في أنهم يروون الأحاديث والآثار بأمانة، ولا يخطر على بالهم أن يكتموا من السيرة