للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التّصوف (١)

اختلفوا في أصل كلمة الصوفية، وذهبوا فيه مذاهب أصحُّها: أنها مأخوذة من الصوف؛ لأن الزهَّاد كانوا يعمدون إلى لبس الصوف؛ بعدًا وتجنباً للبس الفاخر من الثياب.

وهناك آراء ضعيفة:

منها: أن الصوفية نسبة إلى صُفَّة؛ لشبه الزهاد بأهل الصفَّة، وهم جماعة من فقراء الصحابة كانوا يقيمون بمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عابدين متفقهين، لا يفارقونه إلا لجهاد عدو. وهذا الوجه لا يوافق قاعدة النسب في اللغة، فإن القاعدة تقضي أن يقال في النسب إلى صفة: صُفِّيَّة، لا صوفية.

ومنها: أن الصوفية نسبة إلى آل صوفة؛ تشبيهاً لهؤلاء الزهاد بآل صوفة، وهم قوم كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية، ويتنسكون، ويبعد هذا الوجه: أن آل صوفة قد ذهبوا بذهاب عصر الجاهلية، وقد تسمَّى هؤلاء العباد والزهاد في الإسلام باسم الصوفية، وقبلوا هذا الاسم، ولا أحسبهم يرضون بنسبتهم - ولو على وجه التشبيه - إلى طائفة كانت في الجاهلية على غير هدى.

ومنها: أنها نسبة إلى الصوف على معنى: أنهم آثروا الانكسار، فكانوا


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن الرابع والخامس من المجلد الحادي عشر، شوال وذو القعدة - ١٣٥٧ هـ.