نحتفل بذكرى مولد أفضل الخليفة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد جرت عادة المحتفلين بهذه الذكرى الطيبة أن يتحدثوا عن سيرته الزاهرة، أو دلائل صدق رسالته الشاملة الخالدة، أو عما أفاضته على العالم من هداية وإصلاح، ولو كان في وقت سعة، لأرسلنا القول في كل ناحية من هذه النواحي الثلاث، فنزداد يقينًا بأن سيرة محمد - صلى الله عليه وسلم - أكمل من كل سيرة، وأن دلائل نبوته أوفر من دلائل كل نبوة، وأن آثار دعوته أوسع مدى من آثار كل دعوة، فأكتفي بكلمة موجزة أخص بها ناحية من نواحي دلائل رسالته، وهي آيات نبوته الكونية، فأقول:
ترجع دلائل رسالة المصطفى - صلوات الله عليه - إلى أربعة وجوه: القرآن المجيد - وبشارة الرسل والأنبياء من قبله ببعثته - وسيرته البالغة في الكمال حداً تقف دونه سيرة كل عظيم - وخوارق عادات هي من جنس المعجزات على صدق الرسالة من وجوه كثيرة.
ومن هذه الوجوه: ما يوجد في بعض آياته؛ كإخباره عن أمور مستقبلة، ووقوعه على نحو ما أخبر به.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن العاشر والحادي عشر من المجلد الخامس عشر والصادران في ربيع الثاني وجمادى الأولى ١٣٦٢ هـ.