ومنها: ما يوجد في كل سورة، أو ما يكون بمقدار سورة، وهو بيانه البديع، وأسلوبه الرائع، ونظمه الحكيم.
وأما بشارات الأنبياء، فقد أخبرت التوراة والإنجيل بمجيء رسول عظيم، ووصفت هذا الرسول العظيم بصفات لا تنطبق إلا على حال محمد - صلوات الله عليه -، ونبه لهذا قوله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}[الأعراف: ١٥٧].
وأما سيرته، فقد بلغت من الكمال حداً لا تبلغه سيرة من يطلب الكمال بنفسه، ولو فاق الناس عبقرية، وقضى في تلقي الحكمة العشرات من السنين، وإلى هذا يشير حسان - رضي الله عنه - بقوله:
لو لم تكن فيه آيات مبينةٌ ... كانت بديهته تأتيك بالخبر
وأما دلائل نبوته من خوارق العادات، فقد ورد منها في الأحاديث الصحيحة وقائع كثيرة؛ كنبع الماء من بين أصابعه الشريفة، وتكثير الطعام القليل، وإشباعه نحواً من سبعين أو ثمانين رجلاً. وانشقاق القمر حتى رآه المشركون بمكة رأي العين، وحنين الجذع الذي كان يخطب عليه عندما اتخذه - عليه الصلاة والسلام - منبراً.
وقد ظهر في هذا العصر إنكار هذا النوع من دلائل النبوة، وممن سبق إلى إنكاره طائفة القاديانية اللاهورية؛ فإنا نرى زعيمهم محمد علي الذي ألَّف ترجمة القرآن إلى اللغة الإنكليزية، يأتي إلى كل معجزة يقصها الله تعالى في أنباء الرسل - عليهم السلام - ويعلق عليها بآخر الصحيفة متأولاً لها على وجه يخرجها عن أن تكون معجزة. ونحا بعض الكاتبين في مصر