للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* تعليق (١):

أيها الصديق الأعز! إن الشعر هو الكلام الموزون بحسب الحالة التي يورده المتكلم عليها، وجنابُكم خبيرٌ بأنَ النونَ في الآية مفتوحةٌ، وهكذا نقرؤها، شأن كلِّ نونٍ وقعت إثْرَ واو الجمع، وتغييره بالسكون إنما هو أمرٌ عارِضٌ من أجلِ الوقف. والأحوالُ العارضة في بعض الأحيان لا ينبني عليها حكمٌ مستمر؛ كالوصف بالشعرية. وهذا بخلاف البيت المستشهَد به، فإنه موزون بحسب الحال التي ورد عليها أولاً؛ لأن الشاعر نفسَه سكّن نونه لإقامة الوزن، ولو تلفظ بها محركة، لم يكن من الشعر في شيء، وإنْ سَكَّناها نحن في حال الوقف.

وتحرير مقصدنا: أن المعتبر في الحكم على التركيب بأنه شعر، إنما هو الحالة الأصلية، وهي ما ينسج عليه المتكلم هيئة كلامه.


(١) العدد الخامس - الصادر في غرة ربيع الأنور ١٣٢٢ هـ.
* تعليق الإِمام محمد الخضر حسين على مقال العلامة المحقق الشيخ محمد النخلي أحد أعيان المدرسين بالجامع الأعظم الذي قال فيه: "أما ما ورد من الآي الكريم مما جاء على الأوزان الشعرية، فقد قام بتحرير جوابها صاحب هاته المجلة الغراء مستوفي البيان. ولكن الجواب بالقصد الأول لا محيص عنه في بعض الآيات؛ كقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]؛ فإنه موزون، ولو بزيادة النون؛ إذ هو من مجزوء الرمَل المسبغ الضرب، وبيته:
يا (خَليليَّ اربَعَا واستَخْبِرا رَبْعاً بعُسْفانْ)
وهذا الموضوع الذي وفقنا الله لخوض عُبابه يتشعب إلى أغراض كثيرة لا نضيع البحث عنها كما سنحت فرصة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم".