نود من صميم قلوبنا أن تكون نهضتنا المدنية راسخة البناء، رائعة الطلاء، محمودة العاقبة. ولا يرسخ بناؤها، ويروع طلاؤها، وتحمد عاقبتها، إلا أن تكون موصولة بنُظم الدين، مصبوغة بآدابه، والوسيلة إلى أن يجري فيها روح من الدين يجعلها رشيدة في وجهتها، بالغة غايتها: أن يزداد الذين درسوا علوم الشريعة عناية بالقيام على ما استحفظوا من هداية، فلا يذروا شيئاً يشعرون بأنه موكول إلى أمانتهم إلا أحسنوا أداءه.
ينظر أهل العلم في حال الناس من جهة ما يتقربون به إلى الخالق، ويزنون أعمالهم ليميزوا البدعة من السنّة، ويرشدوهم إلى أن يعملوا صالحًا. ومن الذي لا يدرك أن البدع تقف كقطع من الليل المظلم، فتغطي جانباً من محاسن الشريعة الغرّاء، وهي - بعد هذا - ضلالات تهوي بأصحابها في ندامة وخسران؟.
ينظرون في أحوال الناس من جهة ما يدور بينهم من المزاعم الباطلة، والأحاديث المصنوعة، وينفون خبثها نفي النار لخبث الحديد، يفعلون هذا ليكون الناشئ المسلم نقي الفكر، صافي البصيرة، لا يحمل في نفسه إلا
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الحادي عشر من المجلد الثاني - الصادر في شهر ربيع الآخر ١٣٤٩ هـ.