حكى المؤلف قصة الحارث بن حِلِّزَة مع عمرو بن هند، وإلقائه معلقته بين يديه، وجاء في خلال القصة: أنه اعتمد على قوسه، وارتجل هذه القصيدة.
ثم قال في (ص ١٧٠): "ويكفي أن تقرأ هذه القصيدة؛ لترى أنها ليست مرتجلة ارتجالاً، وإنما هي قصيدة نظمت، وفكر فيها الشاعر تفكيراً طويلاً، ورتب أجزاءها ترتيباً دقيقاً".
انقاد المؤلف إلى هذا النقد بيد جرجي زيدان، حيث قال في "تاريخ آداب اللغة العربية": "يزعمون أنه قالها ارتجالاً، وذلك بعيد؛ لأنه ذكر فيها عدة من أيام العرب عيَّر ببعضها بني تغلب تصريحاً، وعرض ببعضها لعمرو ابن هند، فهي من قبيل الملاحم في وصف الوقائع".
ونقدُ جرجي زيدان هذا الذي اقتدى على أثره المؤلف، إنما يجيء على الرواية التي تقول: إنه ارتجلها ارتجالاً، ولكنك تقرأ القصة في شرح ابن الأنباري للمعلقات، فتجد فيها ما هو صريح في أنه لم يرتجلها -كما تقول تلك الرواية- بين يدي عمرو بن هند ارتجالاً، تقرأ في ذلك الشرح: "وقال الحارث بن حلزة لقومه: إني قد قلت خطبة، فمن قام بها، ظفر بحجته، وفلج على خصمه، فروّاها ناساً منهم، فلما قاموا بين يديه، لم يرضهم، فحين علم أنه لا يقوم بها أحد مقامه، قال لهم: والله! إني كره أن آتي