وأما النتيجة الثانية، فليس لها من مقدمات، سوى أن طائفة كالجاحظ انتصروا للعرب، وردوا على الشعوبية، وأوردوا في هذا الصدد شعراً جاهلياً، وقد قلنا لكم: إن علماء العربية يعدون الجاحظ ممن لا يوثق بروايتهم، فإذا انفرد لإنشاد شعر جاهلي، نقلوه على وجه الأدب، دون أن يعولوا عليه في لغة أو تاريخ. ولا حق لنا مع هذا أن نسمي ما يرويه مصنوعاً ومنتحلاً لمجرد وقوعه في سبيل الرد على الشعوبية، بل لا بد من النظر فيه كشعر لم يقع في سياق الرد على هذه الطائفة، إذ من المحتمل أن يقوم الشعر الثابت وحده بالرد عليهم، ولا يحتاج إلى أن يضم إليه اختلاق وانتحال.
* قصة إسماعيل بن يسار:
ذكر المؤلف: أن إسماعيل بن يسار من الطائفة التي تزدري العرب، وتستغلّ ما بينهم من الخصومات السياسية لحاجاتها وأهوائها، ووقف يتلو على القراء قصة تشهد بأنه أصيل في بغض بني أمية.
فقال في (ص ١٠٨): "فاستأذن يوماً على الوليد بن عبد الملك، فأخره ساعة، حتى إذا أذن له، دخل عليه يبكي".
وساق القصة الواردة في الجزء الرابع (١) من كتاب "الأغاني" حتى أتى على آخرها.
كنا نحسب أن من يؤلف كتاباً يملؤه بازدراء أهل العلم، ولا يفتأ يرميهم بعدم التثّبت في الرواية، يأخذ نفسه بالتحفظ من الوقوع في مثل ما يشهِّرهم به. ولكن المؤلف بلي بقلم أينما يوجهه لا يأتي بخير، فالقصة