وقال المهلب لبنيه:"عليكم في الحرب بالمكيدة؛ فإنها أبلغ من النجدة".
يقوم أمر الحرب على الآراء الصائبة، والآراء الصائبة قد تبدو لقائد الجيش من النظر في طبيعة مواقع القتال، ومن تبصره بأحوال العدو التي يطلع عليها يوماً فيوماً، أو ساعة فساعة. لهذا كان من المعروف في سياسة الحروب أن قائد الجيش يفوض إليه أمر تصريف الحرب على ما يبدو له من رأي بعد استشارة ذوي الرأي من رجاله المخلصين.
كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يستشيره في دخول الدُّروب خلف العدو، فكتب إليه عمر:"أنت الشاهد، وأنا الغائب، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب".
وكتب الحجاج إلى المهلب يستعجله في حرب الأزارقة، فكتب إليه المهلب:"إن من البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره! ".
* إطلاع ولي الأمر على سير الحرب يوماً فيوماً:
يفوض ولي الأمر إلى قائد الجيش تدبير شؤون الدفاع، واتخاذ وسائل قهر العدو، على وفق ما تقتضيه الفنون الحربية. وشأن ولي الأمر أن يكون على خبرة من أحوال الجند وسير الحرب، كما يكون على خبرة من أحوال العدو: يواصله بها قائد الجيش يوماً فيوماً، أو ساعة فساعة، حتى يصير كأنه يراها رأي العين.
ومن كتاب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص:"اكتب إليّ في كل يوم". وقال في كتاب آخر: "فصف لي منازل المسلمين، والبلد الذي بينكم