للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا مترفاً إن رخاء العيش ساعده ... ولا إذا عض مكروه به خشعا

ولا يكفي لقيادة الجيوش عندما تلتهب نار الحرب إلا الرجل الذي كان قد خاض غمار الحرب من قبل، فذاق حرَّها، وثبتت قدمه لملاقاة خطوبها، قال أبو تمام:

من لم يسس ويطير في خيشومه ... رهج الخميس فلن يقود خميسا

وإنما يختار لقيادة الجيش من عُرف بالغيرة على الحق الذي قامت الأمة للدفاع عنه؛ فإن هذه الغيرة تزيد شجاعته قوة، وتفتح أمامه أبواباً من التدبير الناجح لا يبصرها قائد كان حظه من الغيره ضئيلاً.

فتح مغيث بن الحارث قرطبة، وأسر ملكها، وكانت للملك بنت ذات جمال، فأخذت تتعرض لمغيث بجمالها، فوكل بها من يسلك معها طريق الإرهاب حتى تقر بما تقصده من تعرضها لمغيث، فأقرت بأنها هيأت خرقة مسمومة لتتوسل بها إلى القضاء عليه، فأخبر مغيث بذلك، فقال: لو كانت نفس هذه الجارية في صدر أبيها، ما أخذت قرطبة في ليلة واحدة (١).

* استكشاف حال العدو:

إن معرفة قائد الجيش بحال عدوه المحارب، وما ينويه من أعمال حربية، تدعوه إلى أن يستعد له على قدر ما يستطيع من قوة أو مكيدة.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في واقعة الأحزاب: "من يأتيني بخبر القوم؟ "، قال الزبير: أنا، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "إن لكل نبي حواري، وحواري الزبير".

وأسلم العباس - رضي الله عنه - قبل فتح مكة، وكتم إسلامه، وكان يكتب بأخبار


(١) "نفح الطيب".