للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّياسة الرشيدة في الإسلام (١)

أتى على العالم حين من الدهر وهو يتخبط في جهل وشقاء، ويتنفس من نار البغي الطاغية على أنحائه الصعداء، حتى نهض صاحب الرسالة الأعظم - صلوات الله عليه - بعزم لا يحوم عليه كلال، وهمة لا تقع إلا على أشرف غرض؛ فأخذ يضع مكان الباطل حقاً، ويبذر في منابت الآراء السخيفة حكمة بالغة، وما لبثت الأمم أن تقلدت آداباً أصفى من كواكب الجوزاء، وتمتعت بسياسة يتجلى بها العدل في أحسن رُواء، وأرفع سناء.

وضع الإسلام للسياسة نظاماً يقطع دابر الاستبداد، ولا يبقي للحيف في فصل القضايا أو الخلل في إدارة الشؤون منفذاً.

أوصى الرعاة بأن لا ينفردوا عن الرعية بالرأي في آية:

{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩].

وآية:

{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨].

ثم التفت إلى الأمة، وعهد إليها بالرقابة عليهم، وإسدائهم النصيحة فيما تراه غير واقع على وجه الاستقامة، فقال تعالى:


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء السابع من المجلد الخامس.