للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الرّتيمة] (١)

ما النَّجْمُ تَجْري بهِ الأَفْلاكُ في غَسَقِ ... كالدُّرِّ تَقذِفُهُ الأَقْلامُ في نَسَقِ

لَقَدْ سَلَوْتُ مُحَيَّا الْبَدْرِ إذْ طَلَعَتْ ... عَقيلَةُ الطَّرْسِ والأَجْفانُ في أَرَقِ

وكُنْتُ أَرْشُفُ مِنْ جَدْوى بَلاغَتِها ... راحاً فَيَهْدَأُ ما في الجَأْشِ مِنْ قَلَق (٢)

تَخْشى إذا أَفْصَحَتْ عَمَّا تَوَهَّجَ مِنْ ... حَماسَةٍ أَنْ تَشُبَّ النَّارُ في الوَرَقِ


(١) كان فضيلة الإمام الأكبر محمد الخضر حسين مقيماً في دمشق مع عائلته سنة ١٣٣٨ هـ , وكان قد عزم على الارتحال منها إلى تونس، فكتب إليه الشاعر الكبير الأستاذ خليل مردم وزير خارجية سورية ورئيس المجمع العلمي بها في ذاك العهد كتاباً رقيقاً قال فيه:
"إن من خير ما أثبته في سجل حياتي، وأشكر الله عليه، معرفتي إلى الأستاذ الجليل السيد محمد الخضر التونسي وإخوانه الفضلاء، وصحبتي لهم، فقد صحبت الأستاذ عدة سنين رأيته فيها الانسان الكامل الذي لاتغيره الأحداث والطوارئ، فما زلت أغبط نفسي على ظفرها بهذا الكنز الثمين حتى فاجأني خبر رحلته عن هذه الديار، فتراءت لي حقيقة المثل: "بقدر سرور التواصل، تكون حسرة التفاصل".
فلم يعد لي إلا الرجاء بأن يكون لي نصيب من الذكر في قلبه، وحظ من الخطور على باله، لذلك فأنا أتقدم بهذه القصيدة الوطنية لتكون لي رتيمة عنده، وذكرى أحد المخلصين إليه، أمتع الله به، وأدام الكرامة، وكتب له السلامة في حله وترحاله".
ثم أتبع الخطاب بقصيدة مطلعها:
طيف للمياء ما ينفك يبعث لي ... في آخر الليل إن هوّمت أشجانا
(٢) الجأش: نفس الإنسان.