الحاضرين، فأومأت إليه بعدم التعرض، وقلت له: إن التفاهم في خلال الدروس مما لا بد منه. وجاريت السائل، ولكنه تشعب في المجادلة إلى أن شعرت بأن مباحثته مبنية على أن الموعظة التي كنت بصدد بثها لم تلتئم بما تهواه نفسه، ويوافق غرضه، فذكرت قول المتنبي:
إنما تنجح المقالة في المرء ... إذا صادفت هوى في الفؤاد
ثم أرسلت له عبارة مقنعة في الجواب، ومضيت في تقرير مطلب آخر، وبعد انقضاء الدرس، دنا إليّ، والتمس الإغضاء عفا فرط منه، فقلت له: إنا متعودون بالبحث وتوسيع المجال للتفاهم.
* درس آخر في المسجد الأموي:
أخذت يوماً في إقراء حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - المسوق في اتباع سنّته - عليه الصلاة والسلام -، وسنّة الخلفاء الراشدين من بعده، فأقبل جماعة من العلماء، وتفضلوا بالحضور في حلقة الدرس، منهم: الشيخ المفتي أبو الخير، والشيخ عبد القادر الخطيب، والشيخ أديب نقيب الأشراف، والشيخ السعيد الجزائري، وجرت بيننا وبين هؤلاء الأساتذة في أثناء الدرس مباحثات لطيفة.
وقد تحلى علماء دمشق بهذا الخلق العالي، وهو حضورهم بدروس الحديث من تلقاء أنفسهم؛ استمداداً لبركة الحديث، ومجاملة لمن انتصب لتدريسه.
وبسطنا هنا المقال في البدعة، وأتينا على تقسيم القرافي لها إلى خمسة أقسام، وتعقبناه بحصر أبي إسحاق الشاطبي لها في قسمين فقط: المحرّمة، والمكروهة، وأورد بعض الشيوخ على هذا الحصر قول سيدنا عمر بن