يقصد كل خطيب أو شاعر ناحية من نواحي كمال الرسول الأعظم - صلوات الله عليه -، فيصفها، ويذكِّر الناس بها؛ ليزدادوا إيمانًا بأنه - عليه الصلاة والسلام - قد بلغ الغاية التي لا تدرك إلا بعناية إلهية خاصة، وليتخذها طلاب السيادة في الدنيا، والسعادة في الآخرة، المثل الأعلى يتأسون به، ويسيرون في ضوئه.
ومن أعظم ما يبهر العقول من خصال كماله - صلى الله عليه وسلم -: خصلة فصاحته وبلاغته.
لا يدعو رسول الله إلا إلى حق، ولا ينطق إلا بحكمة، وأعطي مع هذه العصمة أسمى ما يمكن أن يصل إليه البشر من فصاحة وحسن بيان؛ فإن الحكمة التي تلقى في أسلوب بليغ، تنفذ إلى القلوب قبل أن تنفذ إليها الحكمة التي تلقى في عبارة غير بليغة، وإن الحق ليعتمد على الحجة، ولكن حسن البيان يسعد الحجة في جعل الحق أقرب إلى النفوس، وأنفذ في القلوب، وقد طلب موسى - عليه السلام - من الله تعالى أن يرسل معه
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء العاشر من المجلد الحادي عشر الصادر في ربيع الثاني سنة ١٣٥٨ - مايو ١٩٣٩. محاضرة الإمام في احتفال جمعية الهداية الإسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف.