الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وعلمه كيف يعرج إلى ذلك المعالي بأسلوب حكيم، والصلاة على سيدنا محمد أشرف الخليقة، وعلى آله الذين استضاؤوا بهديه حتى استقاموا على الطريقة، ثم الرضا عن أصحابه المجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الله بالسيف والبرهان، وكل من اقتدى على اَثارهم فارتقى في أوج السعادة أرفع مكان.
أما بعد:
فإن معنى الشرف ومناهجه من أجمل الوجوه التي ينظر فيها الباحث عن حقائق الأشياء وأسرارها، وأعزّ ما يباكر إلى اجتناء معرفته قبل أن يدرج في حياته الاجتماعية، ويسابق في مضمارها، وليست هذه المعرفة دانية القطوف فيتناولها كل باع، من غير أن يفتقر في رسوخها إلى تحرير في العبارة واتساع؛ فإنك ترى كثيراً من الناس لم يستنبطوا المعنى الذي يضمّه الشرف تحت اسمه، ولم يميزوا بينه وبين ما لا يضارعه في وسمه، ولا يدخل معه في رسمه، تتشعب مداركهم في ذلك بحسب اختلاف أذواقهم، وما يلائم طبائعهم، فربما ظنّوا الرذيلة فضيلة، فأَعنقوا إليها، أو حسبوا الفضيلة في قبيل ما يترفع
(١) رسالة للإمام طبعت في جمادى الثانية عام ١٣٣١ هـ بدمشق.