البوسي في الفرق بين العرضي والذاتي بقلم مغربي، فإذا هي جامعة في الموضوع، وأول ما قابلني منها: أن تعريف الإنسان بقولهم: الحيوان الناطق للفلاسفة، وهم لا يقولون بوجود الملك، فلا يرد عن التعريف أن فصله غير مانع من دخول الملائكة.
* الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز:
كان خالنا العلامة القدوة الأستاذ الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز قد كتب لي كتاباً من الآستانة بثّ في مطويه الشوق إلى اللقاء، وقد مضى لنا في مدة فراق فضيلته خمس عشرة سنة، فانتفض الفؤاد اشتياقاً إلى زيارته المؤكدة بواجب القربى، وحقِّ الدروس التي كان قد ملأ أسماعنا بجواهرها الثمينة.
عزمت على أن أعرج في إيابي على الآستانة، فعمدت إلى باخرة روسية، وفي حين ما صعدت على متنها، لقيت رجلاً عليه زي علماء الأزهر، وفي يده سِفر، فقلت له: ما هذا الكتاب الذي تنظر فيه؟ فقال لي: ديوان شاعر يقال له: مسلم بن الوليد، فقلت له: أول من أفسد الشعر العربي أبو تمام، ومسلم ابن الوليد. فقال لي: لعلك صاحب أدب، فقلت له: وفي بعض الأحيان يجيش به صدري، فانعقد التعارف بيننا، واستمرت المرافقة إلى الآستانة، وهو الشيخ أحمد بن كمال الغزي اللبابيدي، قرأ بالأزهر نحو سبع سنين، وتولى التدريس بمدرسة الكمال والنجاح في مصر، وحرر مقالات أخلاقية وعمرانية في جرائد كثيرة.
جمعت هذه الباخرة طائفة عظيمة من أهل العلم، ما يين أساتذة وتلامذة، فحصل لنا من محاضرتهم ولطفهم ما يكشف ضجر الاغتراب، ويسلي النفس عن معاهد أنسها، فمن هؤلاء الفضلاء: الشيخ راغب التميمي، وابنه السيد