الراسخة الدعائم: أن تكون لها أصول مقررة، وصبغة معروفة؛ بحيث يكاد الممارس لسياستها يحكم في أعمالها المستقبلة، ويتخرص للقضايا التي ستجريها في الحوادث، وإن لم يكن في أمثالها قوانين مفصلة، سواء بقي الأمر بيد هيئة واحدة، أو استحال إلى غيرها، فإن الهيئة الحاكمة في الدول القائمة، إذا تجددت، إنما تخالف ما قبلها في سن بعض القوانين، أو إدخال بعض إصلاحات تدريجية، ولا تقلب سياسة الهيئة السالفة من أسلفها إلى أعلاها، إلا إذا لم يكن للدولة في أصلها نظام كلي، وسياسة متأصلة، أو كانت أفراد تلك الهيئة الحادثة غير قائمة بتعاليم السياسة المقررة للدولة؛ بحيث تكون أساليبها مصبوبة في مداركهم؛ كالملكات تصدر عنها الأعمال المطابقة بسهولة.
* وعكة صحية:
دعانا الفاضلان السيد الحبيب بن الشيخ، والسيد المختار بن الشيخ التونسيان لزيارة منزلهما، وانتظم المجلس بفضيلة خالنا الأستاذ، والسيد حسن ظافر، وعندنا أخذنا نقتطف أزهار الحديث، أدركني خفقان في القلب، وضعف بالغ لا أعرفه فيما سلف، وكان الوجع يطالبني بالتأوه، فأحافظ على السكينة حتى سقطتُ على الوسادة، ومن مساعدة القدر: أن حضر الطبيب العارف السيد رجب بقصد السمر، فجس النبض، واستجلب الدواء، فاستفقت من الغاشية، ولا أنسى أني لقيت من هذه العائلة إشفاقاً خالصاً، ومبرة عاطفة حتى مطلع الشمس.
* القمر ليلة أربعة عشر:
جئت يوماً رفيقاً لخالنا الأستاذ إلى الباخرة التي تسير من إستانبول إلى "باشكطاش"، فالتقيت بالفاضل السيد محمد بن الشيخ يوسف الأسير، وكان