للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخلاق (١)

متى انعطف النّاقد البصير يبحث عن الوسائل التي تترقى بها الأمة إلى سنام السعادة القصوى، لا تطمئن نظراته السَّامية إلا على أخلاقها، فبمقدار ما لها من المحافظة على محاسنها، يملأ منظرها أعين الملأ الذي لا يعبأ إلا بجلائل الأمور.

والدليل على ما نقوله، أنَّ الامتزاج بمكارم الخلاق يجبي إلى صاحبه عرفان ما له من الحقوق وما عليه من الواجبات، فلا يُخِلُّ حينئذ بواجب ولا يُدعى إلا بحق، وذلك يدعو بالضرورة إلى شِمَّة الارتباط وكمال الالتئام الذي يجعل أفراد الأمة عضواً واحدً للتعاون على البرِّ والتَّقوى، والتعاضد على الأعمال التي تُنتج لهم التقلب في عيشة راضية، وتحفظ لأعقابهم مستقبلاً حسناً.

وذلك السبب الذي اندفع بنا إلى جعلها -أي الأخلاق- شعبة من شعب ما تصدع به هاته الصحائف وهذا أوانها.

الخلق: حال للنفس تصدر عنها الأفعال بسهولة، وإن شئت فقل: "هي حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية".

وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون في أصل المزاج كالإنسان


(١) العدد الثالث - المصادر في غرة صفر ١٣٢٢.