للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها خاصة بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وهؤلاء كثير، ولكنهم أقل من الطائفة الأولى عدداً.

وثالثة الطوائف انسلخت من الإسلام، وجاهرت بالردة، وهي قليلة بالنظر إلى جاحدي الزكاة وحدها.

ذهب الذين ارتدوا في طغيانهم يعمهون، وأرسل منكرو الزكاة وفوداً إلى المدينة المنورة ليفاوضوا أبا بكر - رضي الله عنه - حتى يقرهم على بدعتهم، فأبى لهم ذلك، وصمم على مقاتلتهم إذا هم ظلوا في جهالتهم يتردّدون.

انصرفت الوفود غير ناجحة في وفادتها، وعرف أبو بكر أن تلك القبائل المتزلزلة العقيدة متحفزة للوثوب على المدينة المنورة. فأقام على أنقابها حرساً، "فما لبثوا إلا ثلاثاً حتى طرقوا المدينة مع الليل" (١)، فنهض المسلمون حقاً في وجوههم، وردّوهم على أعقابهم لا يلوون على شيء، ودارت رحى الحرب بين أبي بكر وبين رافعي راية الردة وجاحدي فريضة الزكاة، "فلم يحل الحول إلا والجميع قد راجعوا دين الاسلام (٢) ". وراحت ظلال الأمن والهداية تتفيأ في جزيرة العرب ذات اليمين وذات الشمال.

* واقعة قتل مالك بن نويرة:

قال المؤلف في (ص ٩٨): "دونك حوار خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة أحدِ أولئك الذين سمّوهم: مرتدين، وهو الذي أمر خالد فضربت عنقه؛ ثم أخذت رأسه بعد ذلك فجعلت أثفيةٍ لقدر. يعلن مالك في صراحة واضحة


(١) "تاريخ ابن جرير" (ج ٣ ص ٢٢٣).
(٢) "فتح الباري".