للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى خالد: أنه لا يزال على الإسلام، ولكنه لا يؤدي الزكاة إلى صاحب خالد "أبي بكر". كان ذلك إذن نزاعاً غير ديني، كان نزاعاً بين مالك المسلمِ الثابتِ على دينه، ولكنه من تميم، ويين أبي بكر القرشي الناهض بدولة عربية أئمتها من قريش، كان نزاعاً في ملوكية ملك؛ لا في قواعد دين، ولا في أصول إيمان".

يقول المؤلف فيما سلف: "إن في فن التاريخ خطأ كثيراً، وكم يخطئ التاريخ! وكم يكون ضلالاً كبيراً! ".

ذلك حكمه على التاريخ متى نقل ما لا يلتئم مع عواطفه وشهواته، فإن نقل ما يتخيل فيه شبهة على أن ليس في الإسلام مبادئ حكم وسياسة، أصبح في نظره القول الفصل، والشاهد العدل، دون أن يكلف نفسه بيان وجه الضلال في ذاك، أو وجه الصدق في هذا.

ونحن نقصّ عليك قصة مالك بن نويرة، وانظر ماذا ترى:

لما تنبأت "سجاح " (١) بنت الحارث بن سويد بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، راسلت مالكَ بنَ نويرة، وهو عامل على بني حنظلة من تميم، ودعته إلى الموادعة، فأجابها؛ "فاجتمع وكيع ومالك وسجاح وقد وادع بعضهم بعضاً على قتال الناس" (٢).

ولما دارت الدائرة على "سجاح"، وانصرفت إلى الجزيرة، ارعوى مالك، وندم، وتحير في أمره، حتى دنا منه خالد بن الوليد، وأرسل إليه سرية


(١) سجاح بنت الحارث بن سويد (... - نحو ٥٥ هـ = ... - نحو ٦٧٥ م) ادعت النبوة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتوفيت بالبصرة.
(٢) "تاريخ ابن جرير الطبري" (ج ٣ ص ٢٣٧).