واكترث بالنعي على الإسلام، وألحف في هذا النعي حتى ركب من التعسف ما أفسد عليه علمه، وجعله يتشبث بقصص لا يسيغها المذهب الجديد.
* الدين والعلم:
قال المؤلف في (ص ١٤): "ولا معنيين بالملاءمة بينه ويين نتائج البحث العلمي والأدبي".
يرمز المؤلف بهذا إلى ما يكتبه صراحة من أن الدين والعلم على خلاف، وهي كلمة يضاهي بها قول فئة تجادل بغير بينة، وتقضي على غير نظام.
للعقل أحكام قاطعة، وهي ما تستند إلى يقينيات؛ كالمشاهدات والمتواترات، وللعقل أحكام غير قاطعة، وهي ما تستند إلى ظن، وقد رفع الله الظنون بعضها فوق بعض درجات، فمن الظن ما يقوى فيوشك أن يكون علماً، ومن الظن ما يضعف فيكون شكاً، وقوة الظن وضعفه يرجعان إلى تفاوت الأمارات والدلائل التي توجده وتربيه في النفس.
وليس في قبيل العلم أو الظن الذي يكاد يكون علماً ما يعترض نصوص الدين في قليل أو كثير، وإذا وجد في الظنيات البعيدة عن حدود العلم ما يعترض قرآناً أو سنّة، آثرنا العمل على ما في القرآن والسنّة الثابتة، وتركنا أمثال هذه الظنون يموج بعضها في بعض، ويتقلب فيها أصحابها إلى يوم الفصل. وما تسميه هذه الفئة البائسة علماً، وتزعم أن الدين على خلافه، لا يخرج عن هذا الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً.
ومن المكايد التي تنصبها هذه الفئة لاقتناص المستضعفين من الناس: أن يقولوا في غير خجل: إن الدين يتلقنه القلب، أما العلم فمورده العقل،