عن مضار جمة كنت أقع فيها على رأسي، أفلا أرعى له ذلك؟ والله! ما ضربني إلا وأنا ظالم له، أفأبقى على ظلمي بعد موته؟!.
* توافق العقل والعاطفة:
يدرك العقل حسن الشيء وصلاحه، وتُسايره العاطفة. والأمر الذي يستحسنه العقل، وتتجه إليه العاطفة، تقبل عليه النفس بعزم صارم، وتعسى له بكل ما أوتيت من استطاعة، وذلك معنى تعاون العقل والعاطفة على الخير.
اتجاه العاطفة إلى ما يتجه إليه العقل، يجعل الأمر الصعب سهلاً، والغاية البعيدة قريبة، والطريق الوعر معبداً، لهذا نرى القرآن الكريم بعد أن يدعو الناس إلى ما فيه خيرهم، قد يأتي النفوس من ناحية العواطف؛ إذ يعقب الأمر بما شأنه أن يثير حماستها، وخذوا مثلاً لهذا: أمره بدفاع العدو في قوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا}[البقرة: ١٩٠]، فشأن المسلم أن يتلقى أمر الله بالامتثال؛ لقيام الدليل القاطع على أنه لا يأمر إلا بخير، ولكن الأهواء قد تستولي على القلوب، وتعوقها على امتثال أمر القتال، فأخذ القرآن يهز العواطف حتى تتضافر هي والعقل على العزم والثبات في مواقف الدفاع؛ إذ قال تعالى:{كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً}[التوبة: ٨]، فذكّرهم فرض القتال بأنهم إذا تهاونوا بأمر الدفاع عن أوطانهم، بسط العدو عليهم سلطانه، واستبد فيهم لا يرعى لهم عهداً ولا ذمة، وليس من شك في أن التذكير بهذه العاقبة المشؤومة، يثير في نفوس الأمة رغبة شديدة في الاحتفاظ باستقلالها إن كانت مستقلة، أو في الأخذ بأسبابه إن كانت مستعبدة.
وإن شئتم أن تزدادوا خبرة بأثر العاطفة من الإقدام على العمل الصالح