من "السيرة النبوية" لزيني دحلان، وتخلص من هنا إلى أن أخذ العالم بدين واحد معقول، وأما أخذه بحكومة واحدة، وجمعه تحت وحدة سياسية، فيوشك أن يكون خارجاً عن طبيعة البشرية.
وزعم أن السياسة من الأغراض الدنيوية التي خلّى الله بينها وبين عقولنا، والتي أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون له فيها تدبير. واستخلص من البحث: أن القرآن والسنّة، وحكم العقل، وما يقضي به معنى الرسالة وطبيعتها، كل ذلك من اعتقاد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو مع رسالته الدينية إلى دولة سياسية.
* النقض:
قال المؤلف في (ص ٦٤): "رأيت إذن أن هنالك عقبات لا يسهل أن يتخطاها الذين يريدون أن يذهب بهم الرأي إلى اعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع إلى صفة الرسالة أنه كان ملكاً سياسياً، ومؤسساً لدولة سياسية. رأيت أنهم كلما حاولوا أن يقوموا من عثرة، لقيتهم عثرات، وكلما أرادوا الخلاص من ذلك المشكل، عاد ذلك المشكل عليهم جذعاً".
يعتقد المسلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رسولاً نبياً، ومؤسس دولة سياسية، وساروا على هذه العقيدة ألفاً وثلاث مئة سنة، فلم يجدوا في طريقهم مشكلاً تتعثر فيه أفهامهم، أو قتامَ شبهةٍ يثور في أذهانهم، فضلاً عن عقبات تقوم في وجوههم.
ولكن المؤلف بين خطتين: إما أن يكون تلقى الدين بصورة جامدة، ولم يدرك أنه يرشد إلى الحقائق والمصالح، ويدع كثيراً من وسائلها إلى اجتهادات العقول، وما يقتضيه حال الشعوب، وإما أن يكون عرف الحقيقة، وأثار حولها هذه الضجة؛ ليكتم صوتها؛ حتى لا يسمع الناس إلا