للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطبة تأبين من العلامة الشيخ محمد العزيز جعيط]

أما بعد:

فيا عباد الله، إن موت العلماء الراسخين ثلمة في الإِسلام، تثير الانزعاج والأحزان والآلام، ذلك أنهم الذابّونَ عن الدين، الحارسون له من كيد الكائدين الذائدون عنه افتراء المفترين، وتحريف المبطلين. يجتهد العلماء الأبرار في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، في دفعهم إلى سلوك ما يفضي إلى الابتهاج والحبور، وينقذهم من الشرور والثبور، ويدأبون على تخليصهم من الأوهام الباطلة، ويغرسون في نفوسهم الأخلاق الفاضلة، ويبذلون ما استطاعوا لانتشالهم من الأيدي العاتبة الصائلة.

فهم ما بين مقاومة للطغيان، ونشر للعرفان، وإعزاز للأوطان، اشتهر من هؤلاء جماعة من الأخيار، في مختلف الأقطار، على مرور الأعصار، ويعد من بين هذا الفريق بحق العلامة النظّار، ابن هذه الديار، الشيخ الخضر الحسين الرفيع المقام، الذي وافاه الحمام، في هذه الأيام. فأثار نعيه لعارفيه الآخذين عنه الأسف والسقام، إذ كان رحمه الله كنيفاً ملئ علماً، وعبقرياً فإنْ نبلاً وفضلاً وفهماً، مصلحاً صادقاً لا يخشى في الحق لوماً ولا هضماً، رحل عن هذه الديار، فراراً من بغي الاستعمار، واستنكافاً من تحمل الذل والصغار، بعد ما أرّج الأرجاء التونسية بذكره المعطار، واشتهر علمه اشتهار الشمس في رابعة