من عصيان الله". وقد تصرف المؤلف في الخبر بحذف كلمة "أمرنا". ولفظ أمرنا في قول الصحابي إما أن يجعل الخبر حديثاً نبوياً كما هو رأي جمهور أهل العلم؛ إذ الظاهر أن الآمر هو صاحب الشريعة، وإما أن يبقى محتملاً لأن يكون الآمر بعض الخلفاء والأمراء، وعلى كلا المذهبين، فأبو هريرة راوٍ إما لحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإما لأثر عن بعض الخلفاء أو الأمراء.
وقد جاء في معنى خبر أبي هريرة حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، وهو: "من أطاعني، فقد أطاع الله، ومن عصاني، فقد عصى الله، ومن أطاع أميري، فقد أطاعني، ومن عصى أميري، فقد عصاني".
وليس في هذا الحديث ولا ذلك الخبر ما يدعو إلى غرابة، ما دمنا نعلم أن الأمير الذي يقال: إن طاعته من طاعة الله، وعصيانه من عصيان الله، هو الأمير المسلم الذي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وكذلك تكون طاعته ظاهراً وباطناً؛ لأنه لم يكن سوى لسان يعبر عن أحكام الشريعة الثابتة بنص جلي، أو استنباط صحيح.
* بحث في قولهم: النصح للأئمة لا يتم إيمان إلا به:
قال المؤلف في (ص ٤) عازياً إلى "العقد الفريد": "فنصح الإمام، ولزومُ طاعته فرض واجب، وأمر لازم، ولا يتم إيمان إلا به، ولا يثبت إسلام إلا عليه".
ساق المؤلف هذه الجملة، ولا داعي لمساقها -فيما يظهر- إلا أن يطلع قراء كتابه على مقالة للمسلمين، تجعل تمام الإيمان وثباتَ الإِسلام موقوفين على نصح الإمام ولزوم طاعته. وهذا في رأيه موضع غرابة وإنكار, فإنه أورده في نسق ما رتب عليه قوله في (ص ٦): "كان واجباً عليهم إذا أفاضوا على