للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشعر البديع في نظر الأدباء (١)

* حقيقة الشعر:

كلام العرب إما نثر: مرسَل، أو سجع. وإما شعر، وهو كلام موزون مقفّى. وقال بعض الباحثين في حقيقة الشعر: إن الشعر كلام موزون لا يتوقف معناه على نثر يتصل به، فإن كان لا يظهر معنى موزون إلا أن ينضم إليه ما يتصل به من النثر، فليس الموزون بشعر. فما كتبه الكاتب الذي أمره بعض الأمراء أن يكتب إلى عامل بإنذار ووعيد موجز، فكتب إليه:

"أما بعد: فإن لأمير المؤمنين أناة، فإن لم تغن، عقب بعدها وعيداً، فإن لم يغن، أغنت عزائمه، والسلام ". فمن هذا الخطاب يتكون بيت، وهو:

أناةٌ فإن لم تغن عَقَّب بعدها ... وعيداً فإن لم يغن أغنتْ عزائمُه

فلا يسمى هذا البيت شعراً؛ لأن معناه يتوقف على ما قبله من النثر، وهو قوله:

"فإن لأمير المؤمنين أناة". فالألفاظ الموزونة في القرآن لا تسمى شعراً؛ حيث إن معناها يتوقف على ما يتصل بها من التنزيل.


(١) بحث الإمام المنشور في "مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة" الجزء الحادي عشر لعام ١٩٥٩ م.