من مساعيهم النافعة: أن ألّفوا جمعية تبحث عن البائسين من طرق خفية، وتوجّه إليهم في البريد صدقات من غير أن يشعروا بمصدرها. وقصّ عليَّ بعض أساتيذهم: أن إحدى البائسات كانت ترتزق بصنعة خياطة، فوافاها ذات يوم صاحب البريد بـ (٥٠٠) مارك، وناولها إياها، فدهشت فرحاً، واندفعت تسأل عن باعثها بإلحاح، فأبى أن يكشف لها عن الحقيقة.
وترى هذه الجمعية أن التبرع بقسط عظيم على مستحق واحد، أنفع من توزيعه على طائفة ينال كل واحد منها حصة يسيرة.
ومن الجمعيات عندهم جمعية "تخفيف المصائب"، ومن أعمالها الحسنة: أن تساعد من تنوبه مصيبة في جسده مساعدة ابتدائية، ففتحت في أقسام العاصمة محالَّ عينت لها أطباء ليسارعوا إلى علاج كل من يطرأ عليه حادث، أو يفاجئه مرض في أثناء الطريق مجاناً.
* ترجمتهم للقرآن:
ترجم القرآن المستشرق (ركرت) المتوفى أواسط المئة الماضية، ولكن انصرم حبل أجله من قبل أن يتم ترجمته، ثم ترجمه المستشرق (هنينك)، وهو يعيش في مدينة "فرانكفورت" ترجمة تامة، إلا أن الأول يراعي في الترجمة بلاغة اللسان الألماني، فلا يبالي بالتقديم والتأخير، والتعبير عن الحقيقة بالمجاز -مثلاً-. والثاني يحافظ على ترتيب الآية، وحقيقتها في الغالب. وقد تتبعت في كثير من السور بالمقدار الذي وقفت عليه من هذه اللغة من الاستعانة بالكتب اللغوية الألمانية العربية، فوجدته ينظر إلى المعنى الأصلي، ويتحرى في أدائه جهد استطاعته.