عليها. وإنما قصد بذلك الطعن في إمامة علي - رضي الله عنه -؛ لأن الأمة لم تجتمع عليه؛ لثبوت أهل الشام على خلافه إلى أن مات، فأنكر إمامة علي، مع قوله بإمامة معاوية؛ لاجتماع الناس عليه بعد قتل علي - رضي الله عنه - ".
* القرآن والخلافة:
قال المؤلف في (ص ٣٣): "عرفت أن الكتاب الكريم قد تنزه عن ذكر الخلافة، والإشارة إليها، وكذلك السنّة النبوية قد أهملتها، وأن الإجماع لم ينعقد عليها، أفهل بقي لهم من دليل في الدين غير الكتاب، أو السنّة، أو الإجماع؟ ".
قبل أن نأخذ في مناقشة هذه المزاعم، نذكر القارئ بأمر تناولنا البحث فيه آنفاً، وهو أن بحث الخلافة يرجع إلى النظر في حكم عملي، لا في عقيدة من عقائد الدين، ومما يترتب على الفرق بين الأحكام العملية والعقائد: أن الأحكام العملية يُكتفى فيها بالأدلة المفيدة ظناً راجحاً، وأما العقائد، فإنها لا تقوم إلا على براهين قاطعة.
ونضع بين يدي القارئ أيضاً: أن العدول عن ظواهر الألفاظ، وتأويلها إلى غير ما يفهمه أسلوبها العربي من المعاني الجلية، غير مسموع في مقام المناظرة؛ فإن الألفاظ في سائر اللغات تحتمل الصرف إلى معان غير مقصودة، وذلك بما يدعى فيها من نحو الحذف والمجاز، من غير دليل ثابت، أو قرينة قائمة.
ونتخلص من هذا إلى أن سنن الشريعة في إرشادها أن تعنى بالأحكام أو الحقائق التي شأنها الغموض، فتدل عليها بتصريح وتأكيد، حسب أهمية الحكم، وبعدِه من متناول العقول، ولهذا لم ترد فيها أوامر بما تدعو إليه