وعاد إبراهيم - عليه السلام - إلى مكة، وبنى بها البيت الحرام، يعينه على ذلك ابنه إسماعيل - عليه السلام -, وبعث الله إسماعيل بشريعة إبراهيم إلى جرهم والعماليق. وذكر بعضهم أنه أرسل إلى جرهم والعماليق وقبائل من اليمن في زمن إبراهيم - عليه السلام - (١).
وإذا أرسل إسماعيل بشريعة إبراهيم؛ فإن إبراهيم كان يدعو إلى التوحيد الخالص، ومكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب؛ كما يدعو سائر الأنبياء، ومن شريعته: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، قال الله تعالى في قصة إسماعيل:{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}[مريم: ٥٥]. ومن شريعته: حج البيت: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج: ٢٧]. ومنها: الاختتان، كما ورد في الصحيح.
* بعثة شعيب - عليه السلام - إلى مَدْيَن:
من العرب الذين كانوا يعبدون غير الله: مدين، وكانت منازلهم تجاور أرض معان بأطراف الشام، ومما عرفوا به من الفساد في الأرض: أنهم كانوا يبخسون المكيال والميزان؛ أي: يأخذون لأنفسهم بالزائد، ويدفعون لغيرهم بالناقص.
فبعث الله إليهم شعيباً - عليه السلام - داعياً إلى التوحيد والإصلاح، وبعثته كانت بعد بعثة إبراهيم - عليه السلام - يدل على هذا: قوله لقومه كما جاء في الآية: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}[هود: ٨٩]، وقال تعالى في قصة إبراهيم:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}[العنكبوت: ٢٦]. والقرآن الكريم يسمي من