افتتح الباب بتهوين البحث في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان ملكا أم لا، وأخذ يستدرج القارئ إلى رأيه الصريح من بعد، ويخيل له أن الاعتقاد بأحد الطرفين- كونه رسولاً وملكاً، أو ملكاً فقط - ليس بدعاً في الدين، ولا شذوذاً عن مذهب المسلمين، ثم ذكر أن الرسالة غير الملك، وأن من الرسل من لم يكن ملكاً، وقال بعد هذا في صورة سائل: هل كان محمد - صلى الله عليه وسلم - ممن جمع الله له بين الرسالة والملك، أم كان رسولاً غير ملك؟ وادعى أنه لا يعرف لأحد من العلماء رأياً صريحاً في هذا البحث، واستنتج أن المسلم العامي يجنح غالباً إلى اعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ملكاً ورسولاً، وأنه أسس بالإسلام دولة سياسية. ثم قال: ولعله رأي جمهور العلماء، وساق عليه كلام ابن خلدون، وما نقله رفاعة بك من كتاب "تخريج الدلالات السمعية عن الوظائف والعمالات التي كانت قائمة في عهد النبوة".
ثم أخذ يمر بالقارئ على شعاب من التشكيك، فذكر أن في الحكومة النبوية بعض ما يشبه أن يكون من مظاهر الحكم السياسية، وتعرض لمسألة الجهاد، ورأى أن من الظاهر لأول وهلة أن الجهاد إنما يكون لتثبيت السلطان، وتوسيع الملك. وعلّل هذا بأن دعوة الدين لا قوام لها إلا البيان، وتحريك