كل ذلك لم يكن، ولكنه يبتغي مرضاة قوم لا يؤمنون، وتخيل أنه بلغ في البيان أن ينكر الحق، فيذهب هباء، أو يشير إلى باطل، فيستقبله الناس باحتفال وتكريم.
قد أريناك أن انتصاب معاذ بن جبل، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب للقضاء، ثابت بأدلة ناطحها قلم المؤلف، فأوهى قرنه قبل أن يوهنها، وإن شئت زيادة تحقيق في الموضوع، فلدينا مزيد:
* القضاء في عهد النبوة موكول إلى الأمراء:
عني الإسلام بوسائل العمران، وأركان الدولة، وبالأحرى: مقام الفصل فيما شجر بين الناس، ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - لا يترك قوماً دخلوا في الإسلام إلا أمَّر عليهم من يسوسهم بأحكام شريعته.
وقد عرفنا في تاريخ عهد النبوة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يقلّد شخصاً الإمارة، ويكون له النظر في الحكم بين الناس، وتعليمهم شرائع الإسلام، وقبض صدقاتهم، وغير ذلك مما يتولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو كان حاضراً.
قال الحافظ ابن تيمية في "منهاج السنة"(١): "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخلف في حياته على كل ما غاب عنه، فيولي الأمراء على السرايا، يصلّون بهم، ويجاهدون بهم، ويسوسونهم، ويؤمّر أمراء على الأمصار؛ كما أمّر عتاب ابن أسيد على مكة ... وكما كان يستعمل عمالاً على الصدقة، فيقبضونها ممن تجب عليه، ويعطونها لمن تحل له". فانظر في قوله: "الأمراء على