الرغم من سخطهم، إنما هي آراء الطعن والغمز، وأما ما هو عائد إلى الأدب وتاريخه، فقد سبقه إليه أو إلى أمثاله كتّاب آخرون، ولم يروا أنفسهم في حاجة إلى التبجح باحتمال الأذى في سبيل إعلان الرأي، ولا إلى اتهام الناس بأنهم يسخطون لتحقيق المباحث الأدبية، ومن الناس من تلقّى مؤلفاتهم بالرضا، ومنهم من ناقشها في سكينة ونفَس مستريض.
* الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين:
قال المؤلف في (ص ٧): "وإذن، فلأعتمد على الله، ولأحدثك بما أحب أن أحدثك به في صراحة وأمانة وصدق، ولأجتنب في هذا الحديث هذه الطرق التي يسلكها المهرة من الكتّاب، ليدخلوا على الناس ما لم يألفوا في رفق وأناة، وشيء من الاحتياط كثير".
كأني بالمؤلف يبتسم لقوله: فلأعتمد على الله، وكأني بك تبتسم لقوله: ولأحدثك في صدق وأمانة، ونحن نبتسم لقوله: ولأحدثك في صراحة، وادعائه أنه اجتنب طرق المهرة من الكتّاب حيث يدخلون على الناس ما لم يألفوا في رفق واحتياط، والواقع أنه سطا حول القرآن ومقام النبوة بلسان غليظ، وأبى قلمه أن يسلو حرفة الغمز، فسلك في كثير من المواضع طرق المهرة من الكتّاب في صوغ عبارات ظاهرها البحث في الشعر الجاهلي، وباطنها الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين، ولو صح أن تعصر هذه العبارات، لتقاطر من خلالها قذف فاحش، وفسوق كثير.
* نظرية الشك في الشعر الجاهلي:
قال المؤلف في (ص ٧): "وأول شيء أفجؤك به في هذا الحديث: هو أني شككت في قيمة الشعر الجاهلي، وألححت في الشك، أو قل: