للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تستدعي الإعراض عن اللذات الحسية المعتدلة.

- الاعتداء عليها:

من الطبائع المركبة في نفوس البشر: داعية حب الأموال، والحرص في مكتسبها واقتنائها، قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: ٢٠]. وقال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٦ - ٨].

هذا الباعث يقذفه الله في نفوس قوم، فيدعوهم إلى تسوية طرائق العمران، وتشييد أركانه، ويسلكه في قلوب آخرين، فيترامى بهم إلى بث الفساد على وجه البسيطة، وإثارة غبار التوحش في أرجائها، القوي بسطوته، والضعيف باحتياله ومكيدته، واعتبرْ في هذا برجل فاضت خزائنه ذهباً، وقد بلغ من الكبر عتياً، ولم يهب الله له في ورثته ولياً، وتجده قائماً على ساق الجد في العمل المستمر، يبني بكل ريع آية، ويشق الأرض بأدوات الفلاحة شقاً، ماذا حمله على ذلك الحرص الأكيد والأمل الواسع، وقد تقوس ظهره، وانكمش جلده؟! حب المال.

حب المال هو الذي ينزع من فؤاد الرجل الرأفة، ويجعل مكانها القسوة والفظاظة، حتى إذا أظلم الأفق، واسودّ جناح الليل، تأبط خنجراً، أو تقلد سيفاً، وذهب يخطو في بنيات الطريق خطاً خفافاً؛ ليأتي البيوت من ظهورها، ويمد بسبب إلى أمتعتها، فإذا دافعه صاحبها، أذاقه طعم المنون، وانصرف ثملاً بلذة الانتصار، ولهذا افتقرت داعية حب المال إلى وازع يسدد طيشها، ويكسر من كعوبها إلى أن تستقيم قناتها، والوازع ما ورد في مجمل الشريعة ومفصّلها من الأصول القابضة على أيدي الهداجين حول