للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "أن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقوم ليصلي حتى ترم (١) قدماه، فيقال له، فيقول: "أفلا كون عبداً شكوراً؟ ".

وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور: فيكثر فيه من تلاوة القرآن، والصلاة، والذكر، والاعتكاف. وما كان يخرج عنه شهر حتى يصوم منه، وربما صام أياما متتابعة، حتى يقال: لا يفطر. وكان يواصل (٢) الصوم في رمضان؛ ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة. وكان ينهى أصحابه عن الوصال، فيقولون له: إنك تواصل، فيقول: "لست كهيئتكم: إني أبيت عند ربي فيطعمني ويسقيني"، والمراد من إطعام الله وسقيه: ما يغذيه به من المعارف، وما يفيضه على قلبه من لذة المناجاة. وورد في السيرة: أنه كان لا يجلس ولا يقوم إلا عن ذكر الله.

وكان روح عبادته الإخلاص، يصلي في حجرته نافلة كما يصلي في المسجد، ويذكر الله خاليا كما يذكره في جماعة، ويعمل له في السر كما يعمل في العلانية.

وقد اعترف كثير من علماء أوروبا في مؤلفاتهم ببلوغه - عليه الصلاة والسلام - أقصى درجة في الاستقامة وكمال الأخلاق، وعني كثير من الكتاب بنقل هذه الشهادات المملوءة بإكبارهم له - عليه الصلاة والسلام -، وشدة إعجابهم بما أفاضه على العالم من إصلاح.

* أثر دعوته في إصلاح العالم:

ظهرت دعوة الإسلام في الأمة العربية، فكان لدعوته أثر كبير في تقويم


(١) تنتفخ.
(٢) يصل الليل بالنهار في الصوم يومين أو أياماً.