في الشعوب من يهضم حقوق الزوجة، ويقسو في عشرتها، وفيهم من تكون إرادته متابعة لإرادتها، ورأيه ملغي أمام رأيها. وقلّما أخلصت المرأة لمن يهضم حقوقها، ويسيء عشرتها، وقلما طاب للرجل عيش مع زوجة تكون كلمتها فوق كلمته، وقلما اغتبط بولد تضعه من لا تحترمه في حضوره فضلاً عن غيبته.
أما الإِسلام، فكان بين ذلك قوامًا: أنقذ المرأة من أيدي الفريق الذين يزدرون مكانها، وتأخذهم الجفوة في معاشرتها، فقرر لها من الحقوق ما يكفل راحتها، وينبّه على رفعة منزلتها، ثم جعل للرجل حق رعايتها، وإقامة سياج بينها وبين ما يخدش كرامتها.
ومن الشاهد على هذا: قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[البقرة: ٢٢٨]. فجعلت الآية للمرأة من الحقوق مثل الرجل.
وإذا كان أمر الأسرة لا يستقيم إلا برئيس يدبره، فأحقهم بالرياسة هو الرجل، الذي شأنه الإنفاق عليها، والقدرة على دفاع الأذى عن ساحتها، وهذا ما استحق به الدرجة المومأ إليها في قوله تعالى:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}.
(١) مجلة "نور الإِسلام" - العدد الخامس من المجلد الرابع، الصادر في شهر جمادى الأولى ١٣٥٢ هـ - القاهرة.