هذه الآية مدنية، وهكذا الشأن في كل آية استفتحت بهذا العنوان، بخلاف ما افتتح بيا أيها الناس، فقد وقع في الآيات المكية والمدنية، وإنما ابتدأت بهذا المطلع الذي يخص المؤمنين لأنها سيقت للتكليف بأمر فرعي وهو الصوم، وكذلك جرت سنّة كتاب الله أن يفتتح الأوامر الفرعية بيا أيها الذين آمنوا، نحو {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: ٧٧] الآية، ونحو {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة: ٢٥٤] , وكقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}[المائدة: ٩٠] الآية إلى غير ذلك.
ويصدر الأوامر الاعتقادية بيا أيها الناس، والسر في ذلك أن الفروع لا تصح إلا مع وجود شرطها وهو الإيمان, فناسب توجيه الخطاب إلى من حصلوا على شرط صحتها وهم الذين آمنوا، مع ما في ذلك من تقوية الداعية لهم والمبالغة في التهييج إلى العمل، فكأنه يقول لهم أيها المؤمنون شأن المؤمن بالله أن يتلقى أوامره بغاية القبول وسرعة الامتثال، ومن يرى من الأصوليين عدم تكليف غير المؤمنين بفروع الشريعة لا يحتاج إلى بيان وجه
(١) العدد السابع عشر - المصادر في غرة رمضان المعظم ١٣٢٢.