{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣] الصيام في اللغة: الإمساك عما تنازع إليه النفس، كالكلام والطعام والشراب والنكاح، وفي الشريعة: الإمساك عن المفطرات بياض النهار.
وشرِّع الصيام لتصفية مرآة العقل، ورياضة النفس بحبسها عن شهواتها، وإمساكها عن خسيس عاداتها, وليذوق الموسرون لباس الجوع فيعرفون قدر نعمة الله عليهم، وتهيج عواطفهم إلى مواساة الفقراء.
وللصوم عند من تنبهوا لأسرار العبادات ثلاث درجات:
صوم العامة: وهو كف البطن والفرج عن شهوتيهما، وصوم الخاصة: وهو ما تقدم مع قصر الجوارح عن أفعال المخالفات، وصوم خاصة الخاصة: وهو صوم القلب وترفعه عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية التي لا تراد للدين، وإلا فهي من زاد الآخرة ومطاياها، وهذه هي الدرجة الكاملة التي جمعت بين عمل الظاهر والباطن، وينبئك على حطة الدرجة الأولى، وقصور صاحبها عن الانخراط في زمرة الصائمين حقيقة، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وقال أبو بكر بن العربي:"كان من قبلنا من الأمم صومهم الإمساك عن الكلام مع الطعام والشراب، فكانوا في حرج، ثم أرخص الله لهذه الأمة في الإمساك عن الكلام ليرفعها بالكرامة في أعلى الدرج، فوقعت في ارتكاب الزور واقتراب المحظور في حرج، فأنبأنا الله سبحانه على لسان رسوله أن من اقترب زوراً أو أتى من القول منكوراً، أن الله سبحانه في غنى عن الإمساك عن طعامه وشرابه".
يسمع الناس بحديث "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح