ما تعودت أن أشارك الكتّاب في اصطناع الكتابة عن شيوخ الأزهر، كما احتلّ أحدهم كرسي رياسته، أو نحّي عنه؛ لأن الأزهر منذ أعوام طوال وهو في محنة قاسية، صنعها بأيديهم أبناؤه، والبكاؤون على مستقبله زوراً وبهتاناً، ومرت هذه المحنة القاسية بالأزهر، ولم يزد خلافاً على كونه ميداناً للمهازل التي يتعفف القلم عن ذكرها، ومجالاً للصخب والجلبة والغوغاء، ولعن الله المناصب؛ فقد كانت سبب محنة الأزهر، وكادت تخرجه عن هيبته ووقاره.
أصر كبار رجال الأزهر على أن يقلّدوا الزعماء السياسيين، فخلقوا بين جدران الأزهر أحزاباً متنافرة متشاحنة، وأصبح لكل منهم أشياع وأتباع يسيرون في ركبه، ويهتفون له في كل مناسبة، أو في غير مناسبة، وينتصرون لآرائه واتجاهاته وتصريحاته، حين يرى رأياً، أو يتجه إلى اتجاه، أو يصرح بتصريح، وهؤلاء الأشياع والأتباع يثبتون وجودهم وإخلاصهم لزعيمهم
(١) كاتب إسلامي معروف -جريدة "منبر الشرق"- العدد الصادر يوم الجمعة ١٣ محرم سنة ١٣٧٢ م الموافق ٣ أكتوبر سنة ١٩٥٢ م. وتصدر في "جنيف" بسويسرا.