للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدير جريدة "النهضة".

وانتقلنا إلى بيت الأخ إسماعيل بنزل الأزهر، وهناك انطلق الأستاذ الخضر يتحدث عن تونس في حرارة الابن المخلص البار.

شيخ جاوز السبعين، أو لعله شارف الثمانين، نحيل الجسم، معروق الوجه، يحمل نظارتين على عينيه، لم يكد يشرع في الحديث عن بلاده تونس حتى ارتفع صوته شيئاً ما حاملاً في نبراته حرارة الذكرى.

وتحدث عن أيامه بالزيتونة طالباً ومدرساً، وعن شيوخه، وعن تلاميذه، وعن كتب التعليم وأساليب الدراسة، ولكنه لا يريد أن يعلق بشيء عن حركة الطلبة الأخيرة.

ويذكر أصدقاءه من العلماء، وفي مقدمتهم سماحة الإمام الشيخ سيدي الطاهر بن عاشور، وعن أصدقائه من رجال السياسة والصحافة، وفي مقدمتهم حضرة مديرنا السيد الشاذلي القسطلي، وينتقل الأستاذ الخضر من هنا إلى السؤال عن صديقه القسطلي، وعن أعماله بالبلدية، وحدثته عن ذلك كله بما فيه الكفاية، فابتسم وقال: لقد عرفته من أيام الشباب رجلاً عملياً متحركاً، واعتقدت، ولست بمخطئ في اعتقادي: أنه أخلص العاملين لفائدة بلادهم، وأن في استطاعته أن يعمل كثيراً، وأن يصنع ما يعجز عنه غيره.

وحاولت استدراج الأستاذ بلباقة إلى الحديث عن السياسة، وعن الأحزاب الوطنية؛ لأستطلع رأيه، فلم أسمع منه إلا كلمة واحدة في معرض الحديث عن صديقه القسطلي، وهي قوله: إنه يعمل ما يعجز عنه (الغلاة)، ومن كلمة (الغلاة) عرفت رأي الأستاذ، فلم أحاول الدخول معه في حديث من هذا النوع.