إذا اعتبرنا بأطوار الخطابة عند العرب، نجد الخطابة أخذت ترتقي في ثلاثة أحوال: في أواخر عهد الجاهلية، في صدر الإسلام، في صدر نهضتنا الحاضرة.
نأخذ من الحالة الأولى: أن من أسباب رقي الخطابة - بعد فصاحة اللغة -: حياة الأمة في بيئة حرة، وشعورها بأنها ذات سؤدد وفخار، وكثرة ترددها على حروب تدافع فيها عن أعراضها ونفوسها وأموالها.
ونأخذ من الحالة الثانية: أن من أسباب رقي الخطابة: اعتناق الأمة ديناً تحملها الغيرة والعاطفة على أن تبث نصائحه وتجاهر في سبيله بما تملك من قوة.
ونأخذ من الحالة الثالثة: أن من أسباب رقي الخطابة: شعور الأمة بالحاجة إلى أن تأخذ الحالة الاجتماعية السياسية هيئة غير هيئتها، وتسلك سيرة أقوم وأهدى من سيرتها.
* تعلم الخطابة:
قد يدرس علوم الأدب - بما فيها من علمي العروض والقوافي - من لا يدري كيف يصنع شعراً مستقيم الوزن، سليم القافية، وقد يدرس علوم الأدب -بما فيها من علوم البلاغة- من لا يستطيع أن يكتب خطابًا يُسيغه الذوق الصحيح. كذلك الرجل قد يدرس قوانين الخطابة، ويضيف إليها التضلع من علوم اللغة وآدابها، ثم لا يكون له بعد هذا في الخطابة العملية جزء مقسوم.