للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسخ في الشريعة الإسلامية (١)

النسخ في اللغة: الإزالة، ويقال نسخت الشمس الظلّ، والنقل والتحويل، ومنه: تناسخ المواريث؛ أي: تحويل الميراث من واحد إلى آخر.

أما النسخ في الشريعة، فهو: بيان انتهاء الحكم الشرعي المقدر في أوهام المكلفين دوامه، ويكون بيان انتهاء الحكم بخطاب.

فالحكم المشروع ابتداء، وإن بيّن انتهاء حكم البراءة الأصلية، لا يسمَّى نسخًا؛ لأن البراءة الأصلية ليست عندهم بحكم شرعي، ولو كان رفعُ حكم البراءة الأصلية نسخاً، لزم أن يكون كل حكم شرعي ناسخاً؛ لأنه رافع لحكم البراءة الأصلية. وإنما أخذنا في حقيقة النسخ إمّا يكون المبيِّن لانتهاء الحكم خطاب من الشارع؛ لنحترز عن رفع الحكم بالدليل العقلي؛ كأن يكون المكلف نائماً، أو مصاباً بجنون؛ فإن حكم الصلاة - مثلاً - يرتفع عنه، وارتفاعه إنما يكون بدليل عقلي، لا بخطاب شرعي.

ولم نقيد المبيّن لانتهاء الحكم بالتراخي كما ورد في بعض تعريفات النسخ؛ لأن التراخي إنما يذكر على أنه شرط، وقد جرى الخلاف في شرطيته.


(١) محاضرة الإِمام في قسم التخصص بكلية أصول الدين إحدى كليات الأزهر، ونشرت في مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الخامس من المجلد الرابع عشر، شوال ١٣٥٨ هـ.