(الدعوة إلى التجديد)، فتزحزح فيها عن سيرته الأولى أكثر مما تزحزح، وجعل ناقدي مقالاته يحسبون قلمه في الأقلام التي تستخف بأمر الدين في غير رصانة، وأتبع هذه المقالات بمقالة جعل عنوانها:(سطوة الإلحاد على الأديان) وأكبرَ في هذا المقال حركة الإلحاد، وادّعى أن رجال الدين ليس بيدهم سلاح يقاوم سلاح الملحدين.
كنا نقرأ هذه المقالات، ونصرف عنها النظرة رجاء أن يجد الأستاذ من نفسه واعظاً، أو من كتاب الله الذي اقتحم تفسيره منبهاً، حتى نشر الأستاذ الشيخ محمد التفتزاني في جريدة "الأهرام" مقالاً نقد فيه ما وقع في بعض بلاد الإسلام من ترجمة القرآن إلى غير العربية لتقوم الترجمة مقام الأصل، فكان من الأستاذ فريد وجدي أن جرد قلمه، وانهال يحبذ ذلك العمل، ويطري من ارتكبوه في إغراق، واستبان من لهجته أنه انقلب إلى دعاية لو أساغتها العقول، وأسلمت إليها النفوس، لقوضت باسم التجديد ما تعبت يد الإصلاح في بنائه.
ذلك ما دعاني إلى أن أنقل من تلك المقالات قطعاً متجافية عن الحقيقة، حتى إذا شئت أيها الناشئ أن تقرأ شيئاً مما يخطه قلمه، قرأته وأنت على بينة من أنه لا يملك لعواطفه مردّاً.
* نقد مقاله المدرج بمجلة "الحديث"(١):
اندفع الأستاذ في هذا المقال اندفاع من تسحرهم المدنية الأوربية، فينظرون إلى كل ما تقع عليه أبصارهم من شؤون أوربا وعاداتها باستحسان
(١) في شهر كانون سنة ١٩٢٩ تحت عنوان: "روح العصر الحاضر نفحة إلهية".